قال ألبرت أينشتاين ذات مرة: “الجنون هو فعل الشيء نفسه مرارًا وتكرارًا وتوقع نتائج مختلفة.” هذا التعريف للجنون له صدى عميق في عالم إدارة المشاريع. كم مرة تكرر فرق المشروع أخطاء الماضي ببساطة لأنها تفشل في التعلم من التجربة؟
في بيئة الأعمال سريعة الوتيرة اليوم، تتطور المؤسسات باستمرار – فالتقنيات الجديدة وديناميكيات الفريق المتغيرة ومتطلبات المشروع المتغيرة باستمرار تخلق مشهدًا يمكن أن يكون فيه الفشل في التكيف كارثيًا. ومع ذلك، تندفع العديد من الفرق من مشروع إلى آخر دون التفكير في الدروس المستفادة. والنتيجة؟ تتكرر نفس الأخطاء إلى ما لا نهاية، مع توقع نتائج مختلفة.
يستكشف هذا المقال كيف يمكن للمؤسسات كسر هذه الحلقة من جنون إدارة المشاريع من خلال وضع نهج منظم للتعلم من التجارب السابقة. سواء كنت تتبع منهجيات Agile أو Waterfall أو المنهجيات الهجينة، فإن دمج الدروس المستفادة في دورة حياة مشروعك أمر ضروري لتحقيق النجاح على المدى الطويل.
لماذا يوجد جنون إدارة المشاريع
1. الافتقار إلى التفكير والتحليل بعد الوفاة
على الرغم من أفضل الممارسات التي تشير إلى أهمية إعادة التفكير أو اجتماعات ما بعد الوفاة، إلا أن العديد من المؤسسات تهمل هذه الخطوة الحاسمة. بدون التفكير المنظم، لا يمكن لفرق المشروع الحصول على رؤى لتحسين المشاريع المستقبلية.
2. الفشل في مشاركة المعرفة
حتى عندما يتم توثيق الدروس، فإنها غالبًا ما تظل مدفونة في الأنظمة الداخلية ولا يمكن للفرق المستقبلية الوصول إليها. وإذا لم تتم مشاركة الأفكار عبر المؤسسة، فإن الفرق محكوم عليها بتكرار أخطاء الماضي.
3. الاعتماد المفرط على التعلم الرسمي بدلاً من التعلم العملي
برامج التدريب المؤسسي قيّمة، ولكن التعلم الحقيقي يأتي من التجربة. ومع ذلك، إذا لم تُمنح الفرق الفرصة لمناقشة التجارب السابقة والتفكير فيها وتكرارها، فلن تُترجم المعرفة النظرية إلى تحسينات عملية.
4. التركيز على المدى القصير
تعمل العديد من المؤسسات في ظل مواعيد نهائية ضيقة، مما لا يترك مجالاً للتفكير. وعندما تهيمن القيود الزمنية على عملية صنع القرار، يتراجع التعلّم لصالح التنفيذ الفوري للمشروع.
كسر الدورة: كيفية التعلم من التجربة
للتغلب على جنون إدارة المشاريع، تحتاج المؤسسات إلى نهج منظم يدمج التعلم في عمليات مشاريعها. وفيما يلي استراتيجيات عملية لضمان التحسين المستمر.
1. إنشاء مكان مخصص للدروس المستفادة
يبدأ خلق ثقافة التعلّم المستمر من خلال إنشاء منتدى منظّم لالتقاط المعرفة ومشاركتها. ويمكن أن يتخذ ذلك أشكالاً مختلفة، مثل: اجتماعات ما بعد الوفاة (المشاريع التقليدية): تُعقد في نهاية المشروع لتقييم ما نجح وما لم ينجح. إعادة النظر (المشاريع الرشيقة): تُعقد في نهاية كل سباق سريع للتكرار والتحسين. جلسات مشاركة المعرفة: اجتماعات الفريق متعددة الوظائف حيث تتم مشاركة الدروس عبر المشاريع.
مستودع مخصص للدروس المستفادة (متاح لجميع الفرق) يضمن الاستفادة من التجارب السابقة في المشاريع المستقبلية.
2. تشجيع ثقافة التعلم
لكي يكون التعلم فعالاً، يجب على المؤسسات تعزيز بيئة يشعر فيها الموظفون بالأمان عند مناقشة الأخطاء. ويمكن تحقيق ذلك من خلال: تعزيز السلامة النفسية – ضمان عدم معاقبة الموظفين على الاعتراف بالأخطاء. تشجيع القيادة على المشاركة – عندما يشارك القادة بنشاط في مناقشات التعلم، فإن ذلك يعزز أهميتها. مكافأة الفرق على الابتكار ومشاركة المعرفة بدلاً من مجرد إنجاز المشروع.
3. جعل التعلّم عملياً وقابلاً للتنفيذ
لا تكون الدروس المستفادة ذات قيمة إلا إذا تم تطبيقها. يجب على المؤسسات: إسناد ملكية الدروس المستفادة للأفراد الذين يضمنون تطبيقها في المشاريع المستقبلية. تطوير كتيبات لأفضل الممارسات لتوجيه فرق العمل بشأن المزالق والحلول الشائعة. دمج الدروس المستفادة في اجتماعات بدء المشروع لمواءمة الفرق مع الرؤى التاريخية.
4. تجنب مبادرات التعلم البيروقراطية
غالبًا ما تفشل مبادرات الشركات لأنها تصبح بيروقراطية بشكل مفرط. بدلاً من إنشاء برامج تدريب جامدة، شجع التعلم العضوي من خلال: استخدام الوثائق الخفيفة (على سبيل المثال، ملخصات من صفحة واحدة للنتائج الرئيسية). الاستفادة من المناقشات غير الرسمية (مثل جلسات الغداء والتعلم). الاستفادة من أدوات التعاون الحديثة (على سبيل المثال، الويكي المعرفية، وقنوات سلاك لرؤى المشروع).
5. جعل التعلّم مستمراً
أحداث التعلم لمرة واحدة غير فعالة. بدلاً من ذلك، يجب أن يكون التعلّم مستمرًا: إجراء عمليات إعادة نظر مصغرة طوال دورة حياة المشروع. تفاعلياً: تشجيع التدريب والإرشاد من نظير إلى نظير. مدمج في سير العمل: تضمين نقاط مراجعة التعلم ضمن مراحل المشروع.
الاستفادة من التكنولوجيا لمنع جنون إدارة المشاريع
يمكن للمؤسسات الاستفادة من الأدوات والتكنولوجيا لتسهيل التعلم ومشاركة المعرفة، مثل: برامج إدارة المشاريع (مثل Jira وTrillo وAsana): تساعد في تتبع عمليات إعادة النظر في المشروع وتخزين الدروس المستفادة. منصات التعاون (مثل Confluence وNotion وMicrosoft Teams): قواعد المعرفة المركزية للوصول إلى الفريق. الرؤى المدعومة بالذكاء الاصطناعي (على سبيل المثال، التحليلات التنبؤية): يستخدم بيانات المشاريع السابقة لتوقع المخاطر والتوصية بالتحسينات.
الأفكار النهائية
يمكن تجنب جنون إدارة المشاريع – تكرار الأخطاء مع توقع نتائج مختلفة – من خلال التعلم المنظم. من خلال إنشاء أماكن مخصصة للدروس المستفادة، وتعزيز ثقافة التحسين المستمر، وجعل التعلم عمليًا، والاستفادة من التكنولوجيا، يمكن للمؤسسات كسر الحلقة ودفع نجاح المشروع.
إذن، ماذا تفعل شركتك لالتقاط أفضل الممارسات والتعلم من التجربة؟ إذا كانت الإجابة “ليس الكثير”، فقد يكون الوقت قد حان لإعادة التفكير في نهجك قبل أن يسيطر الجنون على مشاريعك.
![](https://cciedump.spoto.net/arabicblog/wp-content/uploads/2025/01/Arabic_pictures-1370x550.jpg)